عودة الحياة لميدان التحرير .. خطة تطوير شاملة لإحياء القاهرة الخديوية
إيمان عريف
- تأسس الميدان عام 1865 فى عهد الخديوى إسماعيل على غرار ميدان الشانزلزيه - تسمية الميدان بــ«الإسماعيلية» نسبة إلى الخديوى إسماعيل.. وثورة 1952 وراء تغيير الأسم - تطوير الميدان فى إطار المشروع العام لتطوير القاهرة الخديوية.. والإفتتاح 30 يونية - اطلاق اسم «التحرير» على الميدان تعبيرًا عن تحرير مصر من الحكم الملكى والإحتلال الإنجليزى - إطلاق اسم «الحرية» نتيجة خلع النساء النقاب في ثورة 19 داخل الميدان
تجرى الاستعدادات على قدم وساق لافتتاح أعمال التطوير لميدان التحرير، ليظهر فى أبهى صورة له، وليكون مزارًا ضمن المزارات الأثرية والسياحية التى تحظى بها مصر، فى إطار المشروع العام لتطوير القاهرة الخديوية الذى كلف به الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، فى إطار خطة التطوير لتشمل جميع مناطق القاهرة التاريخية.
تجدر الإشارة إلى أنه تم تزيين الميدان بإحدى المسلات الفرعونية، و4 كباش، إضافة إلى أعمال الزراعة وتنسيق الموقع، بالإضافة إلى مشروع إضاءة الميدان، والذى انتهت من أعماله شركة «مصر للصوت والضوء والتنمية السياحية» بصورة كاملة، وتشمل؛ الإنارة الجمالية للواجهات الخارجية للمتحف المصرى، وكذا الحديقة الملحقة به والخاصة بالعرض المتحفى المفتوح، إلى جانب نُظم إضاءة العقارات التراثية المطلة على الميدان، والمسلة، والنافورة، والموقع العام، والعقارات المُطلة على الميدان، لتبدو بشكل متناغم مع إضاءة المُتحف المصرى، وكذلك مُجمع التحرير. يذكر أن شركة المقاولون العرب بدأت بتنفيذ تطوير ميدان «التحرير» والذى يعد من أشهر ميادين العالم، تحت إشراف وزارات الآثار والإسكان والثقافة وقطاع الأعمال العام ومحافظة القاهرة. وبدأ التنفيذ وتقسيم العمل بالميدان إلى 6 مناطق، وهى بؤرة الميدان "صينية ميدان التحرير"، ومسجد عمر مكرم، والمتحف المصرى، ومجمع التحرير، ومبنى وزارة الخارجية القديم، وجراج التحرير، وتمت إزالة الزراعات بالكامل والوصول بالحفر إلى أعماق بعيدة لإنشاء القاعدة التى يوضع عليها «المسلة» الفرعونية التى يصل طولها إلى 19 مترًا ووزنها إلى 100 طن، بالاضافة إلى الكباش الفرعونية، وانشاء نافورة مياه وبعض المقاعد الرخامية التى يتناسب تصميمها مع الطراز الفرعونى، مع التجميل بشجيرات الزيتون، واستخدام الإضاءة بشكل يضيف جمال وروح الآثار الفرعونية، ليستعد الميدان للإفتتاح بالتزامن مع ثورة 30 يونية.
تأسيس الميدان تأسس ميدان التحرير عام 1865 فى عهد الخديوى إسماعيل، على غرار ميدان الشانزلزيه فى فرنسا، على طراز ميدان شارل ديجول تحت إشراف المعمارى الفرنسى «بارى لدى شامب». لإعجاب الخديوى إسماعيل بالطراز الفرنسى، وتم تسميته وقتها بميدان الإسماعيلية نسبة إلى الخديوى إسماعيل. وشهد ميدان الإسماعيلية «التحرير حاليا» التحولات فى التاريخ المصرى، ففى عام 1881 كان على موعد مع الثورة العرابية، حيث كان مقر انطلاق الوحدة العسكرية التى ترأسها أحمد عرابى للتوجه من الميدان إلى قصر عابدين ضد الخديوى توفيق والتدخل الأجنبى فى مصر.
تخطيط القاهرة الخديوية وتم تخطيط القاهرة الخديوية، على يد قطاى باشا عام 1904، وكان يتخيل المنطقة بدون الثكنات التابعة للاحتلال البريطانى وبدأ التصميم بتحديد الشوارع الواسعة وإنشاء المبانى التى تحمل الطراز الخديوى، الذى يعتبر من أفخم الأبنية التاريخية فى العالم من ناحية البناء والزخارف والعراقة، ليتم انشاء مبانى فاخرة، تحيط بالمتحف المصرى، وعلى جانبيه ساحات متعددة بها تماثيل فرعونية تحدد معالم هذا الشارع.
ثورة 1919 شهد ميدان التحرير أيضا إنطلاقة قوية إبان ثورة 1919، إذ شهد احتشاد آلاف المصريين بالميدان والوقوف أمام ثكنات الجيش الانجليزى المتمركزة بالميدان للضغط عليهم وإجبارهم على الموافقة على عودة الزعيم سعد زغلول من المنفى. وتغيير اسم ميدان الإسماعيلية، إلى ميدان «الحرية» بعد أحداث ثورة 1919 مباشرة نسبة لتحرير الشعوب، ولكن هناك رأى آخر يؤكد أن إطلاق اسم ميدان الحرية، نتيجة لقيام النساء بخلع النقاب فى ثورة 19 من داخل الميدان.
خطة للتطوير فى مارس 1933 تقدم أحد المهندسين بخطة لتطوير الميدان لحسين باشا واصف، تتضمن وضع «مسلة» وعدد من التماثيل الفرعونية بقلب الميدان، ولكن لم ينفذ الاقتراح. وبعد معاهدة 1936، تعالت الأصوات لتطوير واستغلال المنطقة، وهدم المبنى الضخم الخاص بالاحتلال البريطانى، وكان الاقتراح الذى لاقى قبولًا ما نشره محمد ذو الفقار بك بمجلة المصور، عام 1947 بأن يصبح ميدان «الإسماعيلية» مركز ثقافى وسياسى للعاصمة، وترجم هذا من خلال تجمع المبانى الحكومية والوزارات، وتحويل مبنى الثكنات العسكرية البريطانية إلى مبنى للبرلمان، وكذلك انشاء عدد من المتاحف، بالإضافة إلى مجموعة تماثيل للعائلة العلوية، وكان هذا التخطيط سينقل مصر نقلة حضارية كبيرة، ولكن ظهرت بوادر حرب 1948 ليسوف هذا المشروع.
مجمع التحرير ما تم تنفيذه فقط من مقترح التخطيط الذى اقترحه محمد بك ذو الفقار، هو إنشاء مبنى مجمع التحرير الإدارى عام 1951، والذى كان أول مبنى إدارى فى الشرق الأوسط يجمع الخدمات للمواطن فى مبنى واحد.
ثورة 1952 تم تجميل الميدان وأقيمت له قاعدة من المرمر لوضع تمثال الخديوى إسماعيل عليها، والذى كان يصنع فى إيطاليا، ولم يوضع التمثال لقيام ثورة 1952، وظلت القاعدة خاوية حتى تم ازالتها أثناء حفر مترو الأنفاق، كذلك تم هدم الثكنة البريطانية، وظل شاغرًا فترة، حتى تم بناء مبنى جامعة الدول العربية، وفندقًا ومبنى أصبح مقرًا للحزب الحاكم بعد ثورة 23 يوليو. ومع قيام ثورة يوليو 1952، التى نظمها الضباط الأحرار ضد الحكم الملكى، تم تغيير اسم الميدان إلى ميدان «التحرير» تعبيرًا عن تحرير مصر من الحكم الملكى والاحتلال الإنجليزى لفترات طويلة.
تأييد جمال عبد الناصر مع حدوث ووقوع نكسة 1967 وقيام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بالإعلان عن تنحيه، شهد ميدان التحرير تجمعًا كبيرًا لكل المواطنين من مختلف المحافظات، للمطالبة بالبقاء والتراجع عن القرار والاستمرار فى حكم الدولة المصرية.
ثورة 30 يونيو بعد اندلاع المظاهرات فى يناير 2011 بعامين، اندلعت التظاهرات المصرية في ميدان التحرير للمطالبة برحيل المخلوع محمد مرسى عن الحكم، حيث كان الميدان شاهدًا على انتفاضة المصريين ضد حكم جماعة الإخوان الإرهابية بعد مرور عام واحد من وصولهم للحكم.
الواقع الحالي منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد، عقب عزل محمد مرسي، أولى اهتمامًا كبيرًا بميدان التحرير، وكلف الحكومة بإعادة إحياء القاهرة الخديوية، لتكون شاهدة على عصور عديدة مرت على مصر، بحلوها ومرها، وكان ميدان التحرير وتطويره، له أولوية خاصة عند الرئيس، ليتم إصدار الأوامر، بوضع مسلة فرعونية أصلية، وكباش جاءت من صعيد مصر، لتكون رمزية لحماية بلدنا ضد الأخطار والأعداء المتربصين بالوطن.